منتديات عجور - بيت كل العرب

منتديات عجور - بيت كل العرب (http://ajooronline.com/vb/index.php)
-   المنتدى الثقافي (http://ajooronline.com/vb/forumdisplay.php?f=26)
-   -   الغائب الحاضر-محمود درويش (http://ajooronline.com/vb/showthread.php?t=631)

ابن البلد 10-15-2010 01:57 PM

الغائب الحاضر-محمود درويش
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد ارق التحايا لجميع الاخوة و الاخوات

احببت ان افرد موضوعا للشاعر الذي علم الحروف كيف تكتسب المعاني ... لذلك الذي حمل هم الوطن بقوة المقاومة و رقة الحب ... و لقن العالم درسا بالابداع الفلسطيني

محمود درويش ايها الغائب الحاضر

نفتقدك







درويش في سطور




- محمود سليم حسين درويش هو الابن الثاني لعائلة فلسطينية تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات *
ولد في 13 مارس عام 1941 في قرية "البروة" التي تبعد حوالي 12 كم عن ساحل عكا * وهي القرية التي شُرد منها خلال حرب 1948 ليهاجر مع عائلته إلى قرية "رميش" في لبنان ومنها إلى قرية "جزين"
ثم "الناعمة" قرب الدامور قبل أن يعود متسللاً إلى فلسطين بعد اتفاقية السلام المؤقتة عام 1949 * وبقي في قرية "دير الأسد" شمال بلدة "مجد كروم" في الجليل لفترة قصيرة استقر بعده في قرية "الجديدة" شمال غرب قريته الأم - البروة - التي تحولت إلى قرية زراعية إسرائيلية.

- أكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الأسد متخفياً * فقد كان يخشى أن يتعرض للنفي من جديد إذا اكتشف أمر تسلله * وعاش تلك الفترة محروماً من الجنسية.
- بدأ يكتب الشعر في عمر مبكر وقد لاقى تشجيعاً من بعض معلميه في المدرسة* وفي عام 1958 في يوم الاستقلال العاشر لإسرائيل ألقى قصيدة له بعنوان "أخي العبري" في احتفال أقامته مدرسته * كانت القصيدة مقارنة بين ظروف حياة الأطفال العرب والأطفال اليهود* وجاء فيها بما معناه "إنك اليوم تفرح وأنا أحزن تعيّد فيما الدموع تنساب من عيني وأنه لا يمكن أن يكون عيداً بالنسبة إلي إلا حين أشعر بما تشعر به * أي حين يتحقق لي ما هو متحقق لك "
و استدعي على إثر هذه القصيدة إلى مكتب الحاكم العسكري الذي قام بتوبيخه وهدده بفصل أبيه من العمل في المحجر إذا استمر في تأليف أشعار شبيهة * أدرك وقتها أن ما كتبه ليس بالأمر البسيط * وأنه يمكن أن يزعج حاكماً عسكرياً إلى درجة تجعله يهدد ولداً في سنه * واستمر في كتابة الشعر ولم يلتفت لهذه التهديدات ونشر ديوانه الأول "عصافير بلا أجنحة" عام 1960 .

- بعد انتهاء تعليمه الثانوي عام 1961 انضم إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي "راكاح" وهو الحزب الذي كان يطرح قضايا العرب ويدافع عنهم كأقلية ضمن المجتمع الإسرائيلي * وهو الذي رفع شعاراً يقول:

((مع الشعوب العربية ضد الاستعمار)) فاختلط العرب مع اليهود تحت حلم أممي يطمح للتعايش والتغيير * حيث لم يكن لكلمة الشيوعية معنى أيديولوجي بل كان لها معنى نضالي ووطني فبدأ يكتب الشعر والمقالات في جرائد الحزب مثل "الاتحاد" و"الجديد" التي أصبح فيما بعد مشرفاً على تحريرها* وذاع صيته في المجتمع العربي في فلسطين بوصفه شاعراً للمقاومة لدرجة أنه كان قادراً بقصائده على أرباك حملة السلاح الصهاينة* فحينئذ كانت الشرطة الإسرائيلية تحاصر أي قرية تقيم أمسية شعرية لمحمود درويش* وبعد سلسلة من المحاصرات اضطر الحاكم العسكري إلى تحديد إقامته في الحي الذي يعيش فيه ظاناً أنه سيكتم صوت الشاعر عبر منعه من إقامة أمسياته.
ولم يسلم من مضايقة الاحتلال حيث اعتقل أكثر من مرة بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية وذلك حتى عام 1970 حيث توجه إلى الإتحاد السوفيتي للدراسة* وكانت موسكو أول لقاء له بالعالم الخارجي * لكن اصطدامه بمشاكل الروس جعلت فكرة "فردوس الفقراء" التي هي موسكو تتبخر من ذهنه وتتضاءل * لم يجدها أبداً جنة الفقراء كما قرأ عنها حيث كان هناك تناقض كبير بين ما يقوله الإعلام السوفياتي عن موسكو والواقع الذي يعيش فيه الناس وهو مملوء بالحرمان والفقر والخوف وهذا ما حوّل مدينة موسكو من مثال إلى مدينة عادية فانتقل عام 1971 إلى القاهرة التي اعتبر دخوله إليها من أهم الأحداث في حياته الشخصية حيث ترسخ قرار خروجه من فلسطين وعدم العودة إليها ولم يكن هذا القرار سهلاً *وفي القاهرة عُيّن في نادي كتاب "الأهرام" حيث التقى بتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس كما توطدت علاقته بكوكبة من الشعراء المصريين منهم: صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وأمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي * بعد القاهرة غادر محمود درويش إلى بيروت بعد أن التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة للمنظمة* قبل أن يقدم استقالته من اللجنة التنفيذية للمنظمة احتجاجاً على اتفاق أوسلو الذي لم يكن - على حد قوله - عادلاً لأنه لا يوفر الحد الأدنى من إحساس الفلسطيني بامتلاك هويته الفلسطينية.

- شغل محمود درويش خلال الفترة التي قضاها في بيروت ( 1973 ــ 1982 ) عدة مناصب منها:

رئاسة تحرير مجلة"شؤون فلسطينية" ثم مدير مركز أبحاث منظمة التحرير قبل أن يؤسس مجلة "الكرمل" عام 1981* لكنه
اضطر لمغادرة بيروت عام 1982 بعد أن اندلعت الحرب هناك* ومن يومها تجول درويش بين المنافي* من دمشق إلى تونس ثم إلى باريس التي تمت فيها ولادته الشعرية الحقيقية * حيث أتيح له فرصة التأمل والنظر إلى الوطن والعالم والأشياء من خلال مسافة * هي مسافة ضوء * ساعده على ذلك مناخها الجميل فمدينة باريس هي مدينة الكتّاب المنفيين الآتين من كل أنحاء العالم * أتاحت باريس للشاعر محمود درويش فرصة التفرغ للقراءة والكتابة * فكتب فيها ديوان "ورد أقل" وديوان "هي أغنية" و "أحد عشر كوكباً" و "أرى ما أريد" وكذلك ديوان "لماذا تركت الحصار وحيداً" ونصف قصائد "سرير الغريبة" وكتب نصوص "ذاكرة للنسيان" هذا الكتاب الذي كانت الغاية منه هو التحرر من أثر بيروت * في باريس كتب محمود درويش معظم أعماله الجديدة كما كتب فيها نص إعلان الدولة الفلسطينية حين تم انتخابه عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وبعد أن أصبح بإمكانه أن يعود إلى "جزء" من فلسطين وليس إلى "جزء" شخصي بل إلى "جزء" من وطن عام وقف طويلاً أمام خيار العودة * شعر أن من واجبه الوطني والأخلاقي ألا يبقى في المنفى * فاختار أن يعود *فعاد إلى رام الله وأصبح يتنقل بين مدينتي رام الله وعمان التي أحبها لقربها من فلسطين ولطيبة شعبها وجوها الهادئ حيث كان يهرب إليها من مشاغل الحياة الوطنية واليومية التي تسرق منه وقت الكتابة ليستفيد من عزلته فيها .
- تزوج محمود درويش مرتين* الأولى في واشنطن عام 1977 من الكاتبة "رنا قباني" - ابنة الدكتور صباح قباني شقيق الشاعر السوري الكبير نزار قباني – ولم يدم زواجهما أكثر من أربعة أعوام * وفي منتصف الثمانينات تزوج من المترجمة المصرية "حياة الهيني" وبعد عام واحد انفصلا بسلام ولم يتزوج مرة ثالثة * وقد اعترف بفشله في الحب والزواج معللاً ذلك بانتمائه إلى برج "الحوت" وعن هذا الموضوع يقول محمود درويش: ((أحب أن أقع في الحب وحين ينتهي أدرك أنه لم يكن حباً .. الحب لا بد أن يعاش لا أن يتذكر* إنني مدمن على الوحدة* الشعر محور حياتي ما يساعد شعري أفعله وما يضره أتجنبه)).
فقد كان يعتبر أن المؤسسة الزوجية قيد يجب أن يبتعد عنها أي إنسان يحمل في داخله بذرة فن أو إبداع.
- توفي محمود درويش في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت في 9 آب عام 2008 بعد أن أجريت له عملية القلب المفتوح في مستشفى ميموريال هيرمان في هيوستن بولاية تكساس حيث دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء نزع أجهزة الإنعاش عنه.
تضمنت العملية إصلاح ما يقارب 26 ملم من الشريان الأبهر "الأورطي" الذي كان قد تعرض لتوسع شديد تجاوز درجة الأمان الطبيعية المقبولة طبياً* وكان قد خضع لعملية قسطرة في القلب وسلسلة فحوص طبية دقيقة للتأكد من وضعه الصحي واستعداد القلب والكلى لمثل هذه العملية الحساسة والدقيقة* خاصة وأن الشاعر سبق وأن أجرى عمليتين في القلب عامي 1984 و 1998 وكانت العملية الجراحية قبل الأخيرة وراء ولادة "الجدارية" التي يقول فيها : (( هزمتك يا موت * الفنون الجميلة جميعها هزمتك )) .
وكان قد أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية. وقد وري جثمانه الثرى في 13 آب في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي وتم الإعلان عن تسمية القصر بقصر محمود درويش للثقافة* وقد شارك في جنازته الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وقد حضر أيضاً أهله من أراضي الـ 48 وشخصيات أخرى بارزة على رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس * وكان قد نقل جثمان الشاعر محمود درويش إلى رام الله بعد وصوله إلى العاصمة الأردنية عمان حيث كان في استقباله هناك العديد من الشخصيات الأدبية والسياسية .
- حصل الشاعر محمود درويش خلال مسيرته الطويلة على العديد من الجوائز العربية والعالمية منها :
جائزة اللوتس عام 1969 * جائزة البحر المتوسط عام 1980 * درع الثورة الفلسطينية عام 1981
لوحة أوروبا للشعر عام 1981 * جائزة ابن سينا في الإتحاد السوفيتي عام 1982 * جائزة لينين في الإتحاد السوفيتي عام 1983 * الصنف الأول من جائزة الاستحقاق الثقافي في تونس عام 1993 *
جائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2004 * جائزة ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي عام 2007 *
شاعر العالم المبدع في مهرجان الشعر العالمي في مقدونيا عام 2007 * جائزة جولدن ريث العالمية عم 2007 * و جائزة الأركانة العالمية للشعر في المغرب عام 2008 .
- ترجمت أعمال الشاعر الكبير إلى أكثر من 22 لغة وقد ترك العديد من المؤلفات الشعرية والنثرية التي أثرت المكتبة العربية * نذكر منها :
عصافير بلا أجنحة (1960) * أوراق الزيتون (1964) * عاشق من فلسطين (1966) * آخر الليل (1967)
العصافير تموت في الجليل (1969) * حبيبتي تنهض من نومها (1970) * شيء عن الوطن (1971)
أحبك أو لا أحبك (1972) * محاولة رقم 7 (1973) * يوميات الحزن العادي (خواطر ومقالات) (1973)
وداعاً أيتها الحرب وداعاً أيها السلام (مقالات) (1974) * تلك صورتها وهذا انتحار العاشق (1975)
يوميات جرح فلسطين (1977) * أعراس (1977) * ذاكرة للنسيان (1982) * مديح الظل العالي (1983)
حصار لمدائح الملح ( 1984) * هي أغنية هي أغنية (1986) * ورد أقل (1986) *في وصف حالتنا (نثر)
(1987) * أرى ما أريد (1990) *أحد عشر كوكباً (1992) * لماذا تركت الحصان وحيداً (1995) * سرير

الغريبة (1999) * جدارية (2001) *حالة حصار (2002) * لا تعتذر عما فعلت (2003) * كزهر اللوز أو
أبعد (2005) * في حضرة الغياب (2006) *حيرة العائد (مقالات) (2007)* أثر الفراشة (2008) .

ابن البلد 10-15-2010 02:32 PM

قالوا في درويش
 
قالوا عن درويش

وزيرة الثقافة المغربية / ثريا جبران

محمود درويش موحد للعرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى .

القضية الفلسطينية كانت حاضرة في كل أعماله * ورحيله خسارة كبيرة لكل الأمة العربية *

وسيظل حاضراً في ذاكرتنا ووعينا ووجداننا ووجدان كل العرب.




الكاتب الإسباني / خوان غويتيسولو
محمود درويش أحد أفضل الشعراء العرب في القرن الحالي ويرمز تاريخه الشخصي إلى تاريخ قومه

استطاع تطوير هموم شعرية جميلة مؤثرة احتلت فيها فلسطين موقعاً مركزياً * فكان شعره التزاماً بالكلمة

الجوهرية الدقيقة * وليس شعراً نضالياً أو دعوياً *هكذا تمكن درويش شأنه في ذلك شأن الشعراء الحقيقيين من ابتكار واقع لفظي يرسخ في ذهن القارئ

باستقلال تام عن الموضوع أو الباعث الذي أحدثه .



رئيس تحرير صحيفة القدس العربي / عبد الباري عطوان
بعد محمود درويش لن يكون الشعر بالقوة نفسها أو بالسحر نفسه * سيكون شعراً مختلفاً * فبرحيله رحلت ظاهرة

شعراء يملؤون ملاعب كرة القدم بالمعجبين والمعجبات * وليس في الوطن العربي وإنما في المنافي الأوروبية *

خسرته صديقاً عزيزاً ورمزاً من رموز هذه الأمة التي ربما لن تتكرر إلا بعد قرون .

محمود درويش .. أقول : وداعاً ...



الروائية الجزائرية / أحلام مستغانمي
2009-05-06

هو الشاعر المارد * الذي كلما كبر قلمه * صغر قلبه وبدا كأنه من عليائه يستنجد بنا

هو يريد منا "ورداً أقل" ونحن نعترف إننا ننتظر منه خسائر أكثر فداحة وحنيناً مدمراً كإعصار

ننتظر مزيداً من البكاء على كتف قصائده .


ابن البلد 10-15-2010 02:37 PM

و عاد في كفن
 
و عاد في كفن




يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

و عاد في كفن

*

كان اسمه.. .

لا تذكروا اسمه!

خلوه في قلوبنا...

لا تدعوا الكلمة

تضيع في الهواء، كالرماد...

خلوه جرحا راعفا... لا يعرف الضماد

طريقه إليه. ..

أخاف يا أحبتي... أخاف يا أيتام ...

أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء

أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء!

أخاف أن تنام في قلوبنا

جراح نا ...

أخاف أن تنام !!

-2-

العمر... عمر برعم لا يذكر المطر...

لم يبك تحت شرفة القمر

لم يوقف الساعات بالسهر...

و ما تداعت عند حائط يداه ...

و لم تسافر خلف خيط شهوة ...عيناه!

و لم يقبل حلوة...

لم يعرف الغزل

غير أغاني مطرب ضيعه الأمل

و لم يقل : لحلوة الله !

إلا مرتين

لت تلتفت إليه ... ما أعطته إلا طرف عين

كان الفتى صغيرا ...

فغاب عن طريقها

و لم يفكر بالهوى كثيرا ...!

-3-

يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

و عاد في كفن

ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب

لأمه : الوداع !

ما قال للأحباب... للأصحاب :

موعدنا غدا !

و لم يضع رسالة ...كعادة المسافرين

تقول إني عائد... و تسكت الظنون

و لم يخط كلمة...

تضيء ليل أمه التي...

تخاطب السماء و الأشياء ،

تقول : يا وسادة السرير!

يا حقيبة الثياب!

يا ليل ! يا نجوم ! يا إله! يا سحاب ! :

أما رأيتم شاردا... عيناه نجمتان ؟

يداه سلتان من ريحان

و صدره و سادة النجوم و القمر

و شعره أرجوحة للريح و الزهر !

أما رأيتم شاردا

مسافرا لا يحسن السفر!

راح بلا زوادة ، من يطعم الفتى

إن جاع في طريقه ؟

من يرحم الغريب ؟

قلبي عليه من غوائل الدروب !

قلبي عليك يا فتى... يا ولداه!

قولوا لها ، يا ليل ! يا نجوم !

يا دروب ! يا سحاب !

قولوا لها : لن تحملي الجواب

فالجرح فوق الدمع ...فوق الحزن و العذاب !لن تحملي... لن تصبري كثيرا

لأنه ...

لأنه مات ، و لم يزل صغيرا !

-4-

يا أمه!

لا تقلعي الدموع من جذورها !

للدمع يا والدتي جذور ،

تخاطب المساء كل يوم...

تقول : يا قافلة المساء !

من أين تعبرين ؟

غضت دروب الموت... حين سدها المسافرون

سدت دروب الحزن... لو وقفت لحظتين

لحظتين !

لتمسحي الجبين و العينين

و تحملي من دمعنا تذكار

لمن قضوا من قبلنا ... أحبابنا المهاجرين

يا أمه !

لا تقلعي الدموع من جذورها

خلي ببئر القلب دمعتين !

فقد يموت في غد أبوه... أو أخوه

أو صديقه أنا

خلي لنا ...

للميتين في غد لو دمعتين... دمعتين !

-5-

يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا

حرائق الرصاص في وجناته

وصدره... ووجهه...

لا تشرحوا الأمور!

أنا رأيتا جرحه

حدقّت في أبعاده كثيرا...

" قلبي على أطفالنا "

و كل أم تحضن السريرا !

يا أصدقاء الراحل البعيد

لا تسألوا : متى يعود

لا تسألوا كثيرا

بل اسألوا : متى يستيقظ الرجال


ابن البلد 10-15-2010 02:44 PM

عن الصمود
 
عن الصمود



-1-

لو يذكر الزيتون غارسه

لصار الزيت دمعا !

يا حكمة الأجداد

لو من لحمنا نعطيك درعا !

لكنّ سهل الريح ،

لا يعطي عبيد الريح زرعا !

إنّا سنقلع بالرموش

الشوك و الأحزان ... قلعا !

و إلام نحمل عارنا و صليبنا !

و الكون يسعى ...

سنظل في الزيتون خضرته ،

و حول الأرض درعا !!

-2-

إنّا نحبّ الورد ،

لكنّا نحبّ القمح أكثر

و نحبّ عطر الورد ،

لكن السنابل منه أطهر

فاحموا سنابلكم من الأعصار

بالصدر المسمّر

هاتوا السياج من الصدور ...

من الصدور ؛ فكيف يكسر ؟؟

إقبض على عنق السنابل

مثلما عانقت خنجر!

الأرض ، و الفلاح ، و الإصرار ،

قل لي : كيف تقهر...

هذي الأقانيم الثلاثة ،

كيف تقهر ؟

***

-3-

عيناك يا صديقتي العجوز، يا صديقتي المراهقة

عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة

لا يضحك الرجاء فيهما ، و لا تنام الصاعقة

لم يبق شيء عندنا ... إلّا الدموع الغارقة

قولي : متى ستضحكين مرة ، و إن تكن منافقة ؟ !

*

كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان

مصّي بقايا دمنا ، و بعدنا الطوفان

و إن سغبت مرة ، لا تتركي الجثمان

و إن سئمت بعدها ، فعندك الديدان

إنّا خلقنا غلطة ... في غفلة من الزمان

و أنت يا صديقي العجوز... يا صديقتي المراهقة

كوني على أشلائنا ، كالزنبقات العابقة !

*

الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار

و حولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار

و الشمس عند بابنا معمية الأنوار

واشية ، لكنها لا تعبر الأسوار

إن الحياة خلفنا غريبة منافقة

فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة

*

أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء

أسمعهم من فجوة في خيمة السماء :

" يا ويل من تنفست رئاته الهواء

من رئة مسروقة !...

ياويل من شرابه دماء !

و من بنى حديقة ... ترابها أشلاء

يا ويله من وردها المسموم "


أمان 10-15-2010 03:52 PM

شكراااااااااا يا ابن البلد
http://www.e-msjed.com/msjed/site/To...080406_1_g.jpg

جوائز وتكريم
جائزة لوتس عام 1969.
جائزة البحر المتوسط عام 1980.
درع الثورة الفلسطينية عام 1981.
لوحة أوروبا للشعر عام 1981.
جائزة ابن سينا في الإتحاد السوفيتي عام 1982.
جائزة لينين في الإتحاد السوفييتي عام 1983.
الصنف الأول من وسام الاستحقاق الثقافي تونس 1993
الوسام الثقافي للسابع من نوفمبر 2007 تونس
جائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2004[11].
جائزة القاهرة للشعر العربي عام 2007[12].

ابو العيس 10-15-2010 05:01 PM

شكرا ابن البلد لتعرضك للشاعر الفلسطيني رقم واحد الذي ابدع في كل قصائده

مرثية

لملمت جرحك يا أبي

برموش أشعاري

فبكت عيون الناس

من حزني ... و من ناري

و غمست خبزي في التراب ...

وما التمست شهامة الجار!

وزرعت أزهاري

في تربة صماء عارية

بلا غيم... و أمطار

فترقرقت لما نذرت لها

جرحا بكى برموش أشعاري!

عفوا أبي!

قلبي موائدهم

و تمزقي... و تيتمي العاري!

ما حيلة الشعراء يا أبتي

غير الذي أورثت أقداري

إن يشرب البؤساء من قدحي

لن يسألوا

من أي كرم خمري الجاري !

ابن البلد 10-16-2010 12:46 AM

اشكركم اصدقائي على المشاركات الرائعة

ابن البلد 10-16-2010 12:51 AM

درس من كاما سوطرا



بكوب الشراب المرصّع باللازرود

انتظرها،

على بركة الماء حول المساء وزهر الكولونيا

انتظرها،

بصبر الحصان المعدّ لمنحدرات الجبال

انتظرها،

بذوق الامير البديع الرفيع

انتظرها

بسبع وسائد محشوة بالسحاب الخفيف

انتظرها،

بنار البخور النسائي ملء المكان

انتظرها،

برائحة الصندل الذكرية حول ظهور الخيول

انتظرها،

ولا تتعجل فإن اقبلت بعد موعدها

فانتظرها،

وإن أقبلت قبل موعدها

فانتظرها،

ولا تُجفل الطير فوق جدائلها

وانتظرها،

لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها

وانتظرها،

لكي تتنفس هذا الهواء الغريب على قلبها

وانتظرها،

لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة

وانتظرها،

وخذها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً في الحليب

انتظرها،

وقدم لها الماء، قبل النبيذ، ولا

تتطلع إلى توأمي حجل نائمين على صدرها

وانتظرها،

ومسّ على مهل يدها عندما

تضع الكأس فوق الرخام

كأنك تحمل عنها الندى

وانتظرها،

تحدث اليها كما يتحدث ناي

إلى وتر خائف في الكمان

كـأنكما شاهدان على ما يعد غد لكما

وانتظرها

ولمّع لها ليلها خاتما خاتما

وانتظرها

إلى ان يقول لك الليل:

لم يبق غيركما في الوجود

فخذها، برفق، إلى موتك المشتهى

وانتظرها!...


وهذه هي القصيدة بصوت الشاعر محمود درويش
المقطوعة الموسيقية : مزاج - للثلاثي جبران



http://www.youtube.com/watch?v=8pACCyN48gQ

ابن البلد 10-16-2010 07:11 AM


صباحك فاكهةٌ للأغاني وهذا المساء ذهب

صباح الورد

أمان 10-16-2010 08:36 AM

http://img84.imageshack.us/img84/609...8215014za3.jpg


بالزنبق امتلأ الهواءُ، كأنَّ موسيقى ستصدحُ.

كلُّ شيء يصطفي معنى، ويرسلُ فائض المعنى

إليَّ. أنا المعافى الآن، سيِّدُ فُرصتي

في الحب. لا أنسى ولا أتذكَّر الماضي،

لأني الآن أولدُ، هكذا من كلّ شيء..

أصنعُ الماضي إذا احتاجَ الهواء إلى سلالته

وأفسدَه الغبار. وُلدتُ دون صعوبة،

كبناتِ آوى، كالسمندلِ، كالغزال.. ولم أهنئ

والديَّ بصحتي وسلامتي. والآن، أقفزُ

صاحيًا وأرى وأسمع. كلُّ هذا الزنبق

السحريُّ لي: بالزنبقِ امتلأ الهواء كأنَّ

موسيقى ستصدح. كلُّ ما حوالي يهنئني:

خلاءُ السقف من شبحٍ ينازعني على نفسي.

وكرسيُّ يرحِّبُ بالتي تختار إيقاعًا خصوصيًّا

لساقيها. ومرآةٌ أمام الباب تعرفني وتألفُ

وجه زائرها. وقلبٌ جاهزٌ للاحتفال بكلِّ

شيء. كلُّ شيء يصطفي معنى لحادثة الحياة،

ويكتفي بهبات هذا الحاضرِ البلَّور. لم أعرفْ

ولم أسألْ: لماذا أحتفي بصداقةِ اليوميّ،

والشيء المتاح، وأقتفي إيقاع موسيقى ستصدح

من زوايا الكون؟ لا أنسى ولا أتذكَّرُ

الغد… ربما أرجأتُ تفكيري به، عن غير

قصدٍ، ربما خبّأتُ خوفي من ملاكِ الموت،

عن قصدٍ، لكي أحيا الهنيهةَ بين منْزلتين:

حادثة الحياة وحادث الموت المؤجّل ساعةً

أو ساعتين، وربما عامين… يفرحني تَذكُّرُ

ما نسيتُ: نسيتُ أن أنسى غناء الناي

للأفعى. بلا سببٍ يفيضُ النهرُ بي، وأفيض

حول عواطفي: بالزنبق امتلأ الهواء كأنّ

موسيقى ستصدح!

ابن البلد 10-17-2010 02:36 AM

عينان



عينان تائهتان في الألوان.
خضراوان قبل العشب.
زرقاوان قبل الفجر.
تقتبسان لونَ الماء،
ثم تُصوّبان إلى البحيرةِ نظرة عسلية،
فيصيرُ لونُ الماء أخضر..
لا تقولان الحقيقة.
تَكْذبان على المصادر والمشاعر.
تنظران إلى الرماديّ الحزين،
وتُخفيان صفاته.
وتُهيّجان الظلِّ بين الليلكيّ
وما يشعّ من البنفسجِ في التباسِ الفرق.
تَمتلئان بالتأويل، ثم تحيّران اللون: هل هو
لازورديّ أم اختلطَ الزُمُرّدُ بالزبرجدِ والتركواز
المُصَفّى؟
تَكبران وتَصغران كما المشاعر..
تكبران إذا النجومُ تنَزّهتْ فوق السطوح.
وتصغران على سريرِ الحبّ.
تنفتحان كي تستقبلا حلماً ترقرقَ في جفونِ الليل.
تنغلقان كي تستقبلا عسلاً تدفّقَ من قفيرِ النحل.
تنطفئان كاللاشيء شعرياً، غموضاً عاطفياً
يُشعلُ الغابات بالإقمار. ثم تعذّبان الظلّ:
هل يخضوضرُ الزيتيُّ والكحليّ فيَّ أنا الرماديَّ المحايد؟
تنظران إلى الفراغ. وتكحّلان بنظرةٍ لوزيةٍ طوقَ الحمامة.
تفتحان مراوحَ الخُيلاء للطاووس في إحدى الحدائق.
ترفعان الحَوْر والصفصاف أعلى ثم أعلى.
تهربان من المرايا، فـــهي أضيق منهما.
وهما هما في الضوء
تلتفتان للاشيء حولهما فينهضُ، ثم يركضُ
لاهثاً، وهما هما في الليل مرآتان للمجهول
من قدري. أرى، أو لا أرى، ماذا يعدّ الليلُ
لي من رحلةٍ جويةٍ - بحريّة. وأنا أمامهما
أنا أو لا أنا. عينان صافيتان، غائمتان،
صادقتان، كاذبتان عيناها. ولكن، منْ هي؟


http://www.youtube.com/watch?v=AhS05JHZZZ0

بتول القدس 10-17-2010 09:25 AM

لو يذكر الزيتون غارسه

لصار الزيت دمعا !
صدقااااااا من اجمل الكلمات --رحم الله شاعر فلسطين
شكرا لك اخي

الحــر 10-17-2010 11:14 AM

ولا يدري جثمانا بأي ارض يدفن..**

ابن البلد 10-19-2010 09:17 PM

فكر بغيرك
 
فكر بغيرك



وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ

لا تَنْسَ قوتَ الحمام

وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ

لا تنس مَنْ يطلبون السلام

وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ

مَنْ يرضَعُون الغمامٍ

وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ

لا تنس شعب الخيامْ

وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ

ثمّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام

وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ

مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام

وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك

قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام


http://www.youtube.com/watch?v=gQyrhPgKQ7I



ابن البلد 10-19-2010 09:47 PM

قراءات محمود درويش الشعرية
 
قراءات محمود درويش الشعرية



تميز محمود درويش باسلوبه اللامع في الالقاء كما تميز شعره تماما فقد تجد بعضا من القصائد المكتوبة التي تستمتع بمطالعتها لكنك ستستمتع اكثر عند الاستماع لمحمود درويش بشخصه ولا تستغرب لو فهمت القصيدة بطريقة مختلفة في كل مرة تسمعها لو قام الراحل بالتشديد او الارخاء على حرف فهنا يكمن التمايز بين الشعراء و هناك العديد من الكتب و الدراسات و الابحات التي تناولت مواضيع الايقاع الصوتي في قصيدة محمود درويش و اذكر منها:


- كتاب هكذا تكلم محمود درويش - للدكتور عبد الاله بلقزيز
- دراسة التصوير والمجاز والإيقاع في شعر محمود درويش - مزن اتاسي
و غيرها.


فالنص الشعري الدرويشي... نص وثيقة بأكثر من معنى، وفي أكثر من اتجاه في مرآته تملك أن تقرأ تفاصيل فكره كبرى في تجربة شعب هو شعبه. و قصيدة درويش لسان الجماعة ومدونة يومياتها... هي ضمير الناس، ملاذهم من الضياع يأويهم، هي نفيرهم، يبث العزيمة فيهم. و تاريخ قصيدة محمود، هو من وجه آخر، تاريخ أمكنتها، ولدت القصيدة في مكان، ونمت في مكان، وأينعت في أمكنة.
ومن باب تعزية النفس أن يقول المرء، إن محمود درويش لم يرحل لأن تراثه باق فينا، وفي الثقافة العربية؛ فلقد كان رحيله فاجعة، للثقافة والقصيدة، لا توصف، وهي (فاجعة) لا توصف لأن رحيله حصل في لحظة التألق الاستثنائي(...)


برحيل حفيد المتنبي، تدخل القصيدة العربية فترة من الحداد، ليس يُعلم متى تنتهي، فالرجل ما كان شاعرا كبيرا فحسب؛ كان الشاعر الذي زوج المستحيل بالممكن في الشعر، فأنجب لغة شعرية ممكنة، لكنها تقارب المستحيل.
محمود، «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»: أن نقرأ شعرك.



سيبقى درويش ال‘‘غائب‘‘ ال‘‘حاضر‘‘ أبدا، مثل ... أثر الفراشة.

ابن البلد 10-21-2010 08:27 PM

سلم على بيتنا
 
عندما يبتعد
محمود درويش - فلسطين




للعدوّ الذي يشرب الشاي في كوخنا فرسٌ في الدخان.
وبنتٌ لها حاجبان كثيفان.
عينان بنّيتان.
وشعرٌ طويلٌ كليل الأغاني على الكتفين.
وصورتها لا تفارقه كلّما جاءنا يطلب الشاي.
لكنّه لا يحدّثنا عن مشاغلها في المساء،
وعن فرسٍ تركته الأغاني على قمّة التلّ...
... في كوخنا يستريح العدوّ من البندقيّة،
يتركها فوق كرسيّ جدّي.
ويأكل من خبزنا مثلما يفعل الضيف.
يغفو قليلاً على مقعد الخيزران.
ويحنو على فرو قطّتنا.
ويقول لنا دائمًا:
لا تلوموا الضحيّة!
نسأله: من هي ؟
فيقول: دمٌ لا يجفّفه الليل.../
... تلمع أزرار سترته عندما يبتعد
عم مساءً! وسلّم على بئرنا
وعلى جهة التين. وامش الهوينى على
ظلّنا في حقول الشعير. وسلّم على سرونا
في الأعالي. ولا تنس بوّابة البيت مفتوحةً
في الليالي. ولا تنس خوف الحصان من الطائرات،
وسلّم علينا، هناك إذا اتّسع الوقت.../
هذا الكلام الذي كان في ودّنا
أن نقول على الباب... يسمعه جيّدًا
جيّدًا، ويخبّئه في السّعال السريع
ويلقي به جانبًا.
فلماذا يزور الضحيّة كلّ مساءٍ ؟
ويحفظ أمثالنا مثلنا،
ويعيد أناشيدنا ذاتها،
عن مواعيدنا ذاتها في المكان المقدّس ؟
لولا المسدس
لاختلط الناي في الناي ...
... لن تنتهي الحرب ما دامت الأرض فينا تدور على نفسها!
فلنكن طيّبين إذًا. كان يسألنا أن نكون هنا طيّبين.
ويقرأ شعرًا لطيّار (ييتس):
أنا لا أحبّ الذين أدافع عنهم،
كما أنني لا أعادي الذين أحاربهم...
ثم يخرج من كوخنا الخشبيّ،
ويمشي ثمانين مترًا إلى
بيتنا الحجريّ هناك على طرف السّهل.../
سلّم على بيتنا يا غريب.
فناجين قهوتنا لا تزال على حالها.
هل تشمّ أصابعنا فوقها ؟
هل تقول لبنتك ذات الجديلة والحاجبين الكثيفين إنّ لها صاحبًا غائبًا،
يتمنّى زيارتها، لا لشيءٍ...
ولكن ليدخل مرآتها ويرى سرّه:
كيف كانت تتابع من بعده عمره
بدلاً منه؟ سلّم عليها
إذا اتّسع الوقت...
هذا الكلام الذي كان في ودّنا
أن نقول له، كان يسمعه جيّدًا جيّدًا،
ويخبّئه في سعالٍ سريع،
ويلقى به جانبًا، ثم تلمع
أزرار سترته، عندما يبتعد...





سلّم على بيتنا، يا محمود درويش
د. فايز أبو شمالة


سلّم على بيتنا يا غريب،
فناجين قهوتنا لا تزال على حالها،
هل تشمُّ أصابعنا فوقها؟
نعم، يا محمود درويش، بهذه البساطة في الجملة الشعرية، أعلنت موقفك، وحسمت أمر الصراع السياسي على الأرض الفلسطينية، وداويت بوجدانك الجرح الذي يحاول عدوك ترميمه على فسادٍ، وبهذا النقاء الوجداني تصير قريباً، ويظل عدوك غريباً، يشم بصمات أصابعك على فنجان قهوتك الذي صار بالإرهاب فنجان قهوته، ويتبع خطوة أقدامك، التي صارت بالدبابة خطوته، ويقلد تراثك، وسيرتك، لتصير تاريخه المزيف، ويقلم شجرك، ويعلف طيرك، ويتسلق على نجومك، ويستسقي المطر من سمائك، ويبعثر أمنياتك، ويقطف ثمرك، لتصير له دولة لا يزال فيها غريباً، يا قريباً، وهاجساً يقلق راحة الغريب، وهو يتلمس وجودك الغائب في حجرة نومه، ويستشعر وقع أقدامك على سطح منزلك، وسيظل غريباً تطل عليه من نافذة الأحلام الليلة، رغم طائراته، وأجهزة التصنت، عدوك لا يزال غريباً عن هذه الأرض التي جاءك ملك الموت وأنت غريباً عنها، أيها القريب الذي ما اتسعت واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط على احتواء جسدك حيث المنبت الذي أحببت، يحسبك بعيداً عنها، وأنت فيها منذ ستين سنة من الاغتصاب لتراب فلسطين، لا يزال غريباً عنها، وأنت القريب منها يا محمود، رغم مسافات الألم التي تفصل قلبك الفلسطيني عن شرايين الجسد، ورغم حالة الانحطاط التي تمر بالمفاصل الفلسطينية، ورغم وهن العضلات العربية.
يا محمود درويش، لطالما وقفنا ببابك، نتعلم منك فن الترتيل، وهدير المعاني، وفن الترتيب ووشوشة الأغاني، وأخذنا عنك، وامتصصنا رحيق خيالك العذب في توليف الصورة الفنية، لقد تزودنا من شعرك في مسغبة السجون يوماً، ونحن نردد في الزنازين خلفك:
وطني، يعلمني حديد سلاسلي عنف النسور، ورقة المتفائل
ما كنت أحسب أن تحت جلودنا ميلاد عاصفة، وعرس جداول
سدوا على النور في زنزانة فتوهجت في القلب شمس مشاعل
اليوم نجمع عليك، وتلتقي كل الأطياف الفلسطينية خلفك على كلام من حرير، أنت المتوج بزهر الفكرة والتعبير، نمشي بقامتك الممشوقة خطوات الثقة بفك القيد، والتحرير، أيها العائد إلى فلسطين ممداً في الكفن، كي تؤنس البيت الذي أوحش بالخلافات بين أخوة الدم، والمصير، إن البيوت تموت إذا غاب أصحابها، نتوحد اليوم تحت شمس آب بعد غياب، ونحن نردد معك ما عايشته كل أم، وأخت، وابنه، وامرأة فلسطينية، تناجي السحابة قائلة لها:
غطي حبيبي
فإن ثيابي مبللةٌ بدمه
كل ثياب الفلسطينيين مبللة بدم الشهداء، وكل أجسادهم عارية من دون ذلك الثوب المبلل كبرياء، وكل نفوس الفلسطينيين خاوية إن لم يبد منهم حرصاً، ونهجاً، وفعلاً يغطي بالحوار الفلسطيني عورة قضيتهم المكشوفة، ويستر بالوحدة الوطنية الإسلامية سوءتهم، ويغطي بالتسامح، والصفح، والمحبة جسدك، وأجساد الشهداء المتحرقة تحت شمس التفرقة الملتهبة، والانقسام المقيت، والتمزق البائس.
نم يا محمود درويش، نم في حضن التراب الذي انشق عن شعبٍ أبيٍّ لا يعرف الوهن، نم، فقد تدلت قطوف شعرك المقاوم على الروابي كالزمن، وظلّلت رؤيتك الثوابت الوطنية في المحن، نم يا محمود، فقد أورقت أغصان روحك وفاءً، وكبرياءً في الكفن.
وإنّ غداً سينبت في أجنحة السياسة الفلسطينية ريش التآخي، والكرامة، والشجن.

صقر ابو صبحه الخواجا 10-21-2010 08:39 PM

مشكور اخي ابن البلد على هذه الصفحه الرائعه
الراحل محمود درويش من الشعراء الذين يأخذون مساحه كبيره في قلبي
ومن اجمل قصائده :
لملمت جرحك يا أبي

برموش أشعاري

فبكت عيون الناس

من حزني ... و من ناري

و غمست خبزي في التراب ...

وما التمست شهامة الجار!

وزرعت أزهاري

في تربة صماء عارية

بلا غيم... و أمطار

فترقرقت لما نذرت لها

جرحا بكى برموش أشعاري!

عفوا أبي!

قلبي موائدهم

و تمزقي... و تيتمي العاري!

ما حيلة الشعراء يا أبتي

غير الذي أورثت أقداري

إن يشرب البؤساء من قدحي

لن يسألوا

من أي كرم خمري الجاري !

ابن البلد 10-22-2010 02:02 AM

اشكرك اخي صقر على مرورك الرائع و انا اتفق معك على قصيدة مرثية لمحمود درويش تمام الاتفاق

ابن البلد 10-22-2010 01:03 PM

عن انسان
 
عن إنسان

وضعوا على فمه السلاسل

ربطوا يديه بصخرة الموتى ،

و قالوا : أنت قاتل !

***

أخذوا طعامه و الملابس و البيارق

ورموه في زنزانة الموتى ،

وقالوا : أنت سارق !

طردوه من كل المرافيء

أخذوا حبيبته الصغيرة ،

ثم قالوا : أنت لاجيء !

***

يا دامي العينين و الكفين !

إن الليل زائل

لا غرفة التوقيف باقية

و لا زرد السلاسل !

نيرون مات ، ولم تمت روما ...

بعينيها تقاتل !

وحبوب سنبلة تجف

ستملأ الوادي سنابل ..!

ابن البلد 10-22-2010 01:10 PM

مطر ناعم في خريف بعيد


مطر ناعم في خريف بعيد

و العصافير زرقاء.. زرقاء

و الأرض عيد.

لا تقولي أنا غيمة في المطار

فأنا لا أريد

من بلادي التي سقطت من زجاج القطار

غير منديل أمي

و أسباب موت جديد .

مطر ناعم في خريف غريب

و الشبابيك بيضاء.. بيضاء

و الشمس بيّارة في المغيب

و أنا برتقال سلّيب،

فلماذا تفرين من جسدي

و أنا لا أريد

من بلاد السكاكين و العندليب

غير منديل أمي

و أسباب موت جديد.

مطر ناعم في خريف حزين

و المواعيد خضراء.. خضراء

و الشمس طين

لا تقولي رأيناك في مصرع الياسمين

كان وجهي مساء

و موتى جنين.

و أنا لا أريد

من بلادي التي نسيت لهجة الغائبين

غير منديل أمي

و أسباب موت جديد

مطر ناعم في خريف بعيد

و العصافير زرقاء.. زرقاء

و الأرض عيد .

و العصافير طارت إلى زمن لا يعود

و تريدين أن تعرفي وطني

و الذي بيننا

_وطني لذة في القيود

_قبلتي أرسلت في البريد

و أنا لا أريد

من بلادي التي ذبحتني

غير منديل أمي

و أسباب موت جديد

ابن البلد 10-23-2010 01:16 AM

هو الحب كالموج
 
هو الحب كالموج




هــوَ الحــب، كــالمــوج
تكـــرار غبطتنـا بالقديـم – الجديــد
ســريــع، بطــئ
بــريء كظبــي يســابـق دراجــة
وبذيء ... كــديــك
جــريء كــذي حـاجــة
عصبــي المــزاج رديء
هــادئ كخيـــال يـرتــب ألفـاظـه
مظلــم، معتــم ... ويضــيء
فــارغ وملــيء بأضــداده

هــو الحيــوان \ المــلاك
بقــوة ألــف حصــان، وخفــة طيــف
وملتبــس، شــرس، سلــس
كلمــا فــر كــر
ويحســن صنعــا بنــا ... ويســيء
يفـاجئنــا حيـــن ننســى عـواطفنــا
ويجــيء ...
هــو الفـوضــوي\ الأنــاني \
والسيـد\ الـواحـد \ المتعـدد


نـؤمـن حينــا، ونكفـر حينـا
ولكنـه لا يبـالـي بنــا
حيـن يصطـادنــا واحـدا واحـداة
ثـم يصـرعنــا بيـد بـاردة

إنــه قـاتـل ... وبـرئ


http://www.youtube.com/watch?v=uIsen...eature=related

ابن البلد 10-23-2010 01:18 AM

الشخص الغريب




http://www.youtube.com/watch?v=MkJb2...eature=related

ابن البلد 10-23-2010 01:25 AM

في البال أغنية




في البال أُغنيةٌ
يا أُخت،
عن بلدي،
نامي
لأكتبها...

رأيتُ جسمكِ
محمولاً على الزردِ
وكان يرشح ألواناً
فقلتُ لهم:
جسمي هناك
فسدُّوا ساحة البلدِ

كنَا صغيرين،
والأشجار عاليةٌ
وكنتِ أجمل من أُمي
ومن بلدي...

من أين جاؤوا؟
وكرمُ اللوز سيَّجه
أهلي وأهلك
بالأشواك والكبدِ!...

وكان جسمكِ مسبيّاً
وكان فمي
يلهو بقطرة شهْدٍ
فوق وحل يدي!...

في البال أُغنيةٌ
يا أخت
عن بلدي،
نامي... لأحفرها
وشماً على جسدي.



http://www.youtube.com/watch?v=aTJf1...eature=related



ابن البلد 10-23-2010 01:35 AM

اجمل حب
 
اجمل حب




كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوما

و كانت سماء الربيع تؤلف نجما ... و نجما

و كنت أؤلف فقرة حب..

لعينيك.. غنيتها!

أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا

كما انتظر الصيف طائر

و نمت.. كنوم المهاجر

فعين تنام لتصحو عين.. طويلا

و تبكي على أختها ،

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر

و نعلم أن العناق، و أن القبل

طعام ليالي الغزل

و أن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ

على الدرب يوما جديداً !

صديقان نحن، فسيري بقربي كفا بكف

معا نصنع الخبر و الأغنيات

لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير

يسير بنا ؟

و من أين لملم أقدامنا ؟

فحسبي، و حسبك أنا نسير...

معا، للأبد

لماذا نفتش عن أغنيات البكاء

بديوان شعر قديم ؟

و نسأل يا حبنا ! هل تدوم ؟

أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء

و حب الفقير الرغيف !

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوما

و نبقى رفيقين دوما





http://www.youtube.com/watch?v=jesit...eature=related



ابن البلد 10-23-2010 02:15 AM

عمل رائع
 
عمل رائع يخلد محمود درويش جدير بالمشاهدة



http://www.youtube.com/watch?v=7XqrnT3sVPE

ابن البلد 10-23-2010 01:13 PM

على هذه الارض ما يستحق الحياة
 
من اروع ما كتب محمود درويش


http://www.youtube.com/watch?v=nEpl_ayKzPk


ابن البلد 10-25-2010 03:14 AM

الجميلات هن الجميلات
 
الجميلات
محمود درويش - فلسطين






الجميلات هنَّ الجميلاتُ
"نقش الكمنجات في الخاصرة"
الجميلات هنَّ الضعيفاتُ
"عرشٌ طفيفٌ بلا ذاكرة"
الجميلات هنَّ القوياتُ
"يأسٌ يضيء ولا يحترق"

الجميلات هنَّ الأميرات ُ
"ربَّاتُ وحيٍِ قلق "
الجميلات هنَّ القريباتُ
"جاراتُ قوس قزح "
الجميلات هنَّ البعيداتُ
"مثل أغاني الفرح"
الجميلات هنَّ الفقيراتُ
"مثل الوصيفات في حضرة الملكة"
الجميلات هنَّ الطويلاتُ
"خالات نخل السماء"
الجميلات هنَّ القصيراتُ
"يُشرَبْنَ في كأس ماء"
الجميلات هنَّ الكبيراتُ
"مانجا مقشرةٌ ونبيذٌ معتق"
الجميلات هنَّ الصغيراتُ
"وَعْدُ غدٍ وبراعم زنبق"
الجميلات، كلّْ الجميلات، أنت ِ
إذا ما اجتمعن ليخترن لي أنبلَ القاتلات



http://www.youtube.com/watch?v=jinc3IMvU-0


http://www.youtube.com/watch?v=5G0fEXOCgPE


م .نبيل زبن 10-25-2010 08:22 AM

نعم اخي الغالي على هذه الارض ما يستحق الحياة
وفي هذا الموضوع ما يستحق المشاهدة والقراءة
وفي هذا الموضوع ما يستحق التثبيت

ابن البلد 10-25-2010 11:31 AM


اشكرك م نبيل على هذا المرور العطر الذي زين الموضوع و على هذه اللفتة الكريمة لتثبيت الموضوع
فعلى هذه الارض ما يستحق الحياة
و في الشعر ما يستحق القراءة - شعر درويش
و درويش يستحق منا ان نحبه و اكثر

ابن البلد 10-25-2010 11:37 AM

رمزية الحمام في شعر درويش
 
رمزية الحمام في شعر محمود درويش



بقلم : د.عبد الرحيم الهبيل
2009-10-30 23:38:33
ملخص بحث بعنوان رمزية الحمام في شعر محمود درويش
شارك فيه الباحث د. عبد الرحيم الهبيل في مؤتمر محمود درويش شاعر فلسطين –القضية والإنسان – بجامعة الأزهر- بغزة
في هذا البحث قمت بدراسة تحليلية لرمزية الحمام في شعر محمود درويش * سعيا للوقوف على طبيعة الرمز و مراحل تشكله وتحولاته * والتعرف على دلالاته وأبعاده الفنية والجمالية * وعلاقته بالصورة والإيقاع والمظاهر الحضارية والأحداث السياسية .
وقد كان من أهداف البحث أيضا التعرف على مراحل تطور التجربة الشعرية عند محمود درويش * والمؤثرات الفكرية والفنية التي عملت على بلورة التشكيل الجمالي في أشعاره.
كما أن من غايات البحث توجيه الباحثين إلى دراسة الرمز في شعر محمود درويش على نحو كلي وشمولي .
و من أجل تحقيق هذه الأهداف حاولت تتبع الرمز في شعر محمود درويش وفق التصاعد الزمني لأعماله * دون أن أغفل توضيح مكانة الحمام في الشعر العربي للتعرف على مدى تأثر محمود درويش بالإبداع العربي وتفرده في بناء هذا الرمز . فالحمام في الشعر العربي ظل أنينا لسجين أو حزين يستثير العواطف بلا فعل أو إقدام * وذلك لكونه فعلا فرديا * أو موقفا ذاتيا * أو إحساسا لحظيا *أما الحمام في شعر محمود درويش فكان فعلا ناضجا في إطار ثوري عاشق للحرية والسلام * ولذلك تحول الحمام على يديه إلى رمز له أبعاده الثقافية والعالمية والجمالية.
قيمة رمز الحمام في شعر محمود درويش لم تكن لارتباط رمزه بالتراث الشعبي و الحضارات والذكريات * وأماكن العبادة * وقصص السلاطين والحكام * وذاكرة الشعر العربي * والإبداع الشعري المعاصر فحسب * وإنما في صورته الشعرية التي وصلت من ناحية إلى التجريد والمثالية * ومن ناحية أخرى إلى تجسيد ما يختلج في نفسه وما يحلم به* وما يعايشه من واقع * سواء على مستوى الوطن أو الحبيبة * أو الأمل والحلم * أو اللغة والجسد * أو الروح والمعنى * لذلك أصبح رمز الحمام في شعره تجريدا للواقع وتجسيدا للذاتي * وحينها توحد الشاعر مع الحمام والتحم به فكلاهما يعبر عن الآخر * ويصور ما يتحرك خلف حواسه * على نحو يفسح للمتلقي حرية التأويل .
وقد أظهرت الدراسة أن مراحل تكوين الرمز وبنائه تتمثل في :
أولا :مرحلة التأسيس والتكوين.
وتظهر هذه المرحلة أن الرمز بزغ في قصائده الأولى * كأي من رموزه التي تبدأ بلا وهج إلا بما تكتسبه الكلمة من علاقات محدودة بالنص الذي ترد فيه * فظهرت كلمة الحمام في بداية الأمر قرينة الهديل * وحتى يكون للحمام بعدا جماليا بدأ محمود درويش يعبد الطريق لهذا اللفظ بتشكيل البعد الإيقاعي وشحذ ه بالبعد الثقافي العربي والإنساني * وتعميق دلالاته بموجة من التناقضات .
من أي عام ..
أمشي بلا لون * فلا أصحو ولا أغفو
وأبحث عن كلام ؟
أتسلق الأشجار أحيانا
وأحيانا أجدف في الرخام


وفي هذه المرحلة استعان الشاعر بطبائع الألفة والمحبة عند الحمام *وعلى الرغم من أن الشاعر قد تمنى أن يتخلص من هذه الطبائع التي لا تلقى قبولا من الطرف الآخر* فقد وجدناه يلتحم بالحمام ويعيش معه بانسجام * حتى غدا الشاعر
عاشقا لألوان الحمام والحرية والعودة .
بحر لمنتصف النهار
بحر لرايات الحمام * لظلنا * لسلاحنا الفردي
بحر * للزمان المستعار

ويقول:
ما شأني أنا الضائع ما بين سماء وحجر
بفضاء لم أطير فيه أسراب حمامي


ثانيا : مرحلة النمو والاكتمال:
وفي هذه المرحلة تكتمل أبعاد الرمز في شعر محمود درويش وبخاصة على أعتاب قصيدته ( يطير الحمام ) حيث تمتزج الثنائيات المتعددة * وتتوهج المتناقضات * وتشتعل الروح برغبة الجسد *وتتوحد الذات بكل عناصر الطبيعة* ويرتبط الرمز بلازمة إيقاعية (يطير الحمام يحط الحمام ) تزيد في فاعليته وإيحائه . فرمز الحمام في هذه القصيدة يفتح أفق الجدل الدائم بين هذه القصيدة وغيرها من القصائد *لأن قصيدة (يطير الحمام ) بمثابة الذروة لهذا الرمز *لذلك وجدت ثمة ارتداد دائم لهذه القصيدة في كل دواوينه الأخيرة * فكأن ألفاظ القصيدة وأفكارها كانت بذورا لدواوينه الشعرية اللاحقة* وقد تميزت هذه المرحلة أيضا ب :
أ‌- اللجوء إلى الاستعارات حيث تنصهر الذوات في ذات واحدة .
لأني أحبك " يجرحني الماء "
والطرقات إلى البحر تجرحني
والفراشة تجرحني

ب‌- الإيغال في عالم الحلم.
وندخل في الحلم * لكنه يتباطأ كي لا نراه
يا حبيبي* أناديك طيلة نومي * أخاف انتباه الكلام

ت‌- التماهي
أنا وحبيبي صوتان في شفة واحدة
وقال الشاعر:
فكم مرة تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام
عناوين روحي
وأن تختفي كالمدى في السفوح
لأدرك أنك بابل * مصر * وشام


ث‌- الجمع بين الأضداد * الحب والخوف والصوت والصمت .
أموت ليجلس فوق يديك الكلام
ج‌- بروز الحكاية الرمزية.
ثالثا : مرحلة التحول والاغتراب:
وفي هذه المرحلة يصير الحمام غريبا بعد تقطع أسرابه * وتناثر جماعاته بحثا عن البقاء* وهروبا من الفناء*فيوغل في السفوح والغربة ليصير يماما*.ومن مميزات هذه المرحلة على مستوى البناء الرمزي :
أ‌- الاتكاء على اللاشعور الجماعي من أجل إيجاد نوافذ تعيد الثقة بالنفس*وتعمل على خلق حالة من التوازن .
ب‌- وتراسل الحواس ) لتكثيف كل صور الحمام البصرية والسمعية.
تطل على بقع الغيم في الساحة الخالية
تطل على ظلها فوق ريش الهديل

ت‌- والتركيز على مفهوم العودة بأبعادها المختلفة المعنوية والحسية فما انفك عن معانيه الأولى*ولا غادر أجمل البلاد في حياته الثقافية حيث أقام كثيرا في ربوع الأندلس فبرز الحس التاريخي في قصائده .
لم يبق مني
غير مخطوطة لابن رشد * وطوق الحمامة * والترجمات
كنت أجلس فوق الرصيف على ساحة الأقحوانة
وأعد الحمامات : واحدة * اثنتين * ثلاثين ...

ث‌- وفي هذه المرحلة تشابه هديل اليمام مع هديل الحمام لدلالات فنية ووطنية توحي بثبات الشعور نحو الوطن *فالإيقاع أصبح صدى لهدير الصمت أو القتل أو المنفى .
كُلَّما أصغيتُ للحجرِ استمعتُ إلى
هديل يَمَامَةٍ بيضاءَ
تشهَق بي:
أَخي! أنا أُخْتُكَ الصُّغْرى*
فأَذرف باسمها دَمْعَ الكلامِ

***** وهكذا فقد غرد شاعرنا بين أسراب الحمام آملا بالسلم تارة * وواهبا حلمه للأجيال من بعده تارة أخرى * فهو لم يقع فريسة للأحزان *بل ظل يلجأ في رمزه" للتعويض بالتصعيد" ليجد عالما جميلا لطالما كان يحلم به * لقد كان محمود درويش يؤمن بأن هذا الكون كله قد بني على الحب والوفاء والسلام *لهذا ظل السلام السمة الأبرز لهذا الرمز *كما كان رمزا للتقدم الحضاري الإنساني * لقد وجد شاعرنا في طبائع الحمام في إصراره وإقدامه وعزيمته ووفائه وشوقه *وألفته للمسكن سبيلا للتعبير عن الذات الفلسطينية بأجمل صورة .
وبعد فلم يكن التماهي بين محمود درويش والحمام في الشعر فقط حيث اتخذ من الإيقاع سبيلا للمعاني والدلالات انسجاما مع هديل الحمام * وإنما في شئونه الحياتية أيضا* حيث لم يأنس بالزوجة أو الولد * وفي آخر حياته كان وفيا لليمام * فهو في حله وترحاله * * ومع أصدقائه فقد قل رفاقه *و عشق حياة المنفى* بل انه لم يتخيل حياة سوى المنفى يقول في الجدارية:

ميم المغامر والمعد المستعد لموته
الموعود منفيا * مريض المشتهى


ويختم قصيدة (من أنا دون منفى ) بقوله :

وماذا سنفعل ؟
ماذا
سنفعل
من
دون
منفى


أما نتائج البحث:
• الرمز في شعر محمود درويش متعدد الأطوار *وكثير الصور * وعميق التأثير* ويحتاج إلى تفصيلات كثيرة لإدراك أبعاده .كما أنه بمثابة أداة معرفية لإدانة الهزائم التي تعاني منها الأمة في هذا العصر.
• قراءة الرمز في شعر محمود درويش تضيء درب الأطوار الفنية في شعره * كما تهب الباحثين صورا جلية من حياة الشاعر النفسية والاجتماعية * وتكشف الأستار عن ثقافات توارت عنا بفعل عمق الزمان وبعد المكان .
• لجأ محمود درويش في بناء رمزه إلى تقنيات أسلوبية تراثية وحداثية من أهمها * التكرار والتناص * فقد عمد إلى تكرار بعض الألفاظ في قصائده كالكلام والغمام والرخام والظلام لتعميق الدلالة وترسيخ أبعاد الرمز * كما أنه اعتمد على التناص في إثراء القصيدة ومن ثم الشعر العربي بل الإنساني فحقق بذلك وحدة التاريخ الثقافي الإنساني .
• ساعدت الصورة في بناء الرمز *وعملت على تجلي جماليات المكان. * فالشاعر ظل يصارع على ذاكرة المكان * إيمانا منه بأن فلسطين هي مهد الحضارات والديانات ورغبة منه باكتمال الثقافة العربية على يديه .
• لم يلجأ الشاعر في بناء رمز الحمام إلى استدعاء الأشخاص * ولكن إلى استدعاء الأماكن والوعي الإنساني بأبعاد هذا الرمز *وذلك لأمرين أساسيين : الأول : تحقيق مبدأ التعويض* فالوطن ( المكان ) كان أكثر شئ يشغل بال الشاعر. والثاني : استحضار كل ما قاله الشعراء على مر العصور في النصر والتفوق* والحب والعذاب *والأمل وخيبة الرجاء.
• بالرمزية استطاع محمود درويش أن يجعل من تفاصيل الحياة الدقيقة منابع بوح وإيحاء .وأن يلتقط من هذا الكون الفسيح الأشياء الصغيرة ليبني منها صرحا يفيض بالعواطف والقيم الجمالية.
• أبدع الشاعر في تحول الحمام إلى يمام انسجاما مع نفي الحب والعشق والوئام من هذا العالم المتغطرس * كما أنه تميز في تبيان طبائع الحمام * بل تفرد في تصوير شمائل الحمام في القبول والانقلاب * لارتباط شعره بالواقع الإنساني بعامة وبالحالة الفلسطينية بخاصة .
• تعددت دلالات البعد الإيقاعي للرمز في شعره توافقا مع الإبهام في صوت الحمام .
• على الرغم من تأثر رمزية محمود درويش بالاتجاهات الغربية فان شعره الرمزي كان في مواجهة الاستلاب * بل انه عزز الثقافة العربية بإقامة حوار بين الأجيال والثقافات عبر النصوص لا الشخصيات .
لم يبدع الشاعر في الجمع بين الثنائيات الداخلية في النص فحسب *وإنما أجاد بالرمزية أيضا أن يجمع بين ثنائيات عدة * أهمها : ثنائية المحلية والعالمية * و ثنائية الجمال والجمهور* فالشاعر استطاع أن يجمع في شعره بين جماليات الإبداع و التلقي .

ابن البلد 10-25-2010 11:49 AM

يطير الحمام
 
يطير الحمام يحط الحمام

أعدّي لي الأرض كي أستريح
فإني أحبّك حتى التعب
صباحك فاكهةٌ للأغاني وهذا المساء ذهب
ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام
وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي على عنقٍ
لا تعانق غير الغمام
وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب
وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ حين اغترب
وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام
يطير الحمام
يحطّ الحمام
أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحده
أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشارده
وندخل في الحلم، لكنّه يتباطأ كي لا نراه
وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه
وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي
وأختار أيّامنا بيديّ كما اختار لي وردة المائده
فنم يا حبيبي ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ
ونم يا حبيبي لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده
ونم يا حبيبي عليك ضفائر شعري، عليك السلام
يطير الحمام
يحطّ الحمام
رأيت على البحر إبريل
قلت: نسيت انتباه يديك
نسيت التراتيل فوق جروحي
فكم مرّةً تستطيعين أن تولدي في منامي
وكم مرّةً تستطيعين أن تقتليني لأصرخ
إني أحبّك كي تستريحي
أناديك قبل الكلام أطير بخصرك قبل وصولي إليك
فكم مرّةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام
عناوين روحي
وأن تختفي كالمدى في السفوح
لأدرك أنّك بابل، مصر، وشام
يطير الحمام يحطّ الحمام
إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ
ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،
من مراياي من قمري، من خزانة عمري
ومن سهري، من ثيابي ومن خفري
إلى أين تأخذني يا حبيبي
إلى أين تشعل في أذنيّ البراري
تحمّلني موجتين وتكسر ضلعين، تشربني ثم توقدني،
ثم تتركني في طريق الهواء إليك
حرامٌ... حرام
يطير الحمام يحطّ الحمام
- لأني أحبك، خاصرتي نازفه
وأركض من وجعي في ليالٍ يوسّعها الخوف مما أخاف
تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً تعالى قليلاً، وغيبي كثيرًا
تعالى تعالى ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه
أحبّك وأحضن هذا الشعاع المطوّق بالنحل والوردة الخاطفه
أحبك يا لعنة العاطفه
أخاف على القلب منك
أحبّك
أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل
أحبك أطوّع روحي على هيئة القدمين
- على هيئة الجنّتين أحكّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفه
أموت، ليجلس فوق يديك الكلام
يطير الحمام يحطّ الحمام
لأني أحبّك (يجرحني الماء) والطرقات إلى البحر تجرحني
والفراشة تجرحني وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني
يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام
أخاف انتباه الكلام إلى نحلة تبكي
لأني أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح، يجرحني طائرٌ في السماء البعيدة،
عطر البنفسج يجرحني أوّل البحر يجرحني آخر البحر يجرحني
ليتني لا أحبّك
يا ليتني لا أحبّ ليشفى الرخام
يطير الحمام يحطّ الحمام
- أراك، فأنجو من الموت.
جسمك مرفأ
بعشر زنابق بيضاء، عشر أنامل تمضي السماء
إلى أزرقٍ ضاع منها
أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ
فكيف تشرّدني الأرض في الأرض
كيف ينام المنام
يطير الحمام يحطّ الحمام
حبيبي، أخاف سكوت يديك فحكّ دمي كي تنام الفرس
حبيبي، تطير إناث الطيور إليك فخذني أنا زوجةً أو نفس
حبيبي، سأبقي ليكبر فستق صدري لديك ويجتثّني من خطاك الحرس
حبيبي، سأبكي عليك عليك عليك لأنك سطح سمائي
جسمي مقام
يطير الحمام يحطّ الحمام
رأيت على الجسر أندلس الحبّ والحاسّة السادسه
على وردة يابسه أعاد لها قلبها وقال: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ يكلفني حبّها
ونام القمر على خاتم ينكسر وطار الحمام
رأيت على الجسر أندلس الحب والحاسّة السادسه
على دمعةٍ يائسه أعادت له قلبه وقالت
يكلفني الحبّ ما لا أحبّ يكلفني حبّه ونام القمر على خاتم ينكسر
وطار الحمام
وحطّ على الجسر والعاشقين الظلام
يطير الحمام يطير الحمام




http://www.youtube.com/watch?v=VxT_KSnwNss


ابن البلد 10-28-2010 12:13 AM

امر باسمك
 
امر باسمك



أمر باسمك إذ أخلو إلى نفس
كما يمرّ دمشقي بأندلسي
هنا أضاء لك الليمون ملح دمي
وهاهنا وقعت ريح عن فرسي

أمر باسمك لاجيش يحاصرني
ولابلاد كأنني آخر الحرس
أو شاعر يتمشّى في قصيدته.

في دمشق تطير الحمامات
خلف سياج الحرير
اثنتين ثنتين
في دمشق ارى لغتي كلها على حبة قمح مكتوبة
بأبرة انثى ينقحها حجر الرافدين.

في دمشق تطرز أسماء خيل العرب
من الجاهلية حتى القيامة أو بعدها
بخيوط الذهب
في دمشق تسير السماء على الطرق القديمة
حافية حافية
فما حاجة الشعراء الى الوزن و القافية



http://www.youtube.com/watch?v=8MWTd7YbcLk


http://www.youtube.com/watch?v=pqlToZGY_vQ


ابن البلد 10-28-2010 01:30 AM

يَخْتَارُني الإيقاعُ



يَخْتَارُني الإيقاعُ * يَشْرَقُ بي
أنا رَجْعْ الكمان * ولستُ عازِفَهُ
أنا في حضرة الذكرى
صدى الأشياء تنطقُ بي
فأنطقُ....
كُلَّما أصغيتُ للحجرِ استمعتُ إلى
هديل يَمَامَةٍ بيضاءَ
تشهَق بي:
أَخي! أنا أُخْتُكَ الصُّغْرى*
فأَذرف باسمها دَمْعَ الكلامِ
وكُلَّما أَبْصَرْتُ جذْعَ الزّنْزَلخْتِ
على الطريق إلى الغمامِ’
سمعتُ قلبَ الأُمِّ
يخفقُ بي :
أَنا اُمرأة مُطَلَّقَةٌ *
فألعن باسمها زِيزَ الظلامِ
وكُلَّما شاهَدْتُ مراُةً على قمرٍ
رأيتُ الحبّ شيطاناً
يُحَمْلقُ بي :
أنا ما زِلْتُ موجوداً
ولكن لن أَتعود كما تركتُكَ
لن تعود * ولن أَعودَ
فيكملُ الإيقاعُ دَوْرَتَهُ
ويَشرَقُ بي ....

ابن البلد 10-28-2010 01:32 AM

البنتُ / الصرخة


على شاطئ البحر بنتٌ . وللبنت أَهلٌ
وللأهل بيتٌ . وللبيت نافذتان وبابْ....
وفي البحر بارجَةٌ تتسَلَّى
بصَيْدِ المُشَاة على شاطئ البحر:
أَربعَةٌ ’ خَمْسَةٌ ’ سَبْعَةٌ
يسقطون على الرمل ، والبنتُ تنجو قليلاً
لأنَّ يداً من ضبابْ
يداً ما إلهيَّـةً أَسْعَفَتْها ، فنادتْ : أَبي
يا أَبي! قُمْ لنرجع ، فالبحر ليس لأمثالنا !
لم يُجِبْــها أبوها الـمُسَجَّي على ظلِّهِ
في مهبِّ الغيابْ
دَمٌ في النخيل ، دَمٌ في السحابْ

يطير بها الصوتُ أَعلى وأَبعدَ مِنْ
شاطئ البحر . تصرخ في ليل بَرّية ،
لا صدى للصدى .
فتصير هي الصرخةَ الأبديَّـةَ في خَبَرٍ
عاجلٍ ، لم يعد خبراً عاجلاً
عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتاً بنافذتين وبابْ !

ابن البلد 10-28-2010 01:37 AM

ذباب أَخضر



ألمشهد هُوَ هُو. صيفٌ وعَرَقٌ * وخيال
يعجز عن رؤية ما وراء الأفق . واليوم
أفضلُ من الغد . لكنَّ القتلى هم الذين
يتجدّدون . يُولَدُون كُلَّ يوم . وحين يحاولون
النوم يأخذهم القتلُ من نعاسهم إلى نومٍ
بلا أحلام . لا قيمة للعدد . ولا أَحد

يطلب عوناً من أحد. أصوات تبحث عن
كلمات في البرية ، فيعود الصدى واضحاً
جارحاً : لا أَحد . لكن ثمَّـةَ من يقول:
((من حق القاتل أن يدافع عن غريزة
القتل . أمَّا القتلى فيقولون متأخرين :
من حق الضحية أن تدافع عن حَـقِّها في
الصراخ)) . يعلو الأذان صاعداً من وقت
الصلاة إلي جنازات متشابهة : توابيتُ
مرفوعةٌ على عجل ، تدفن علي عجل... إذ لا
وقت لإكمال الطقوس ، فإنَّ قتلي آخرين
قادمون ، مسرعين ، من غاراتٍ أخرى . قادمون
فُرَادي أو جماعات... أو عائلةً واحدةً لا
تترك وراءها أيتاماً وثكالي . السماء رماديَّةٌ
رصاصية ، والبحر رماديٌّ أزرق . أَمَّا لون
الدم فقد حَجَبَتْهُ عن الكاميرا أَسرابٌ من
ذباب أَخضر !

ابن البلد 10-28-2010 01:39 AM

كقصيدةٍ نثريّة



صيفٌ خريفيٌّ على التلال كقصيدةٍ نثرية. النسيم
إيقاعٌ خفيف أحسُّ به ولا أَسمعه في تواضُع
الشجيرات . والعشب المائل إلى الاصفرار صُوَرٌ
تتقشَّفُ ، وتُغري البلاغة بالتشَبُّه بأَفعالها
الماكرة. لا احتفاء على هذه الشِعاب إلاّ
بالـمُتاح من نشاط الدُوريّ ، نشاطٍ يراوح
بين معنيً وعَبَث. والطبيعة جسدٌ يتخفَّف
من البهرجة والزينة ، ريثما ينضج التين والعنب
والرُمَّان ونسيانُ شهواتٍ يوقظها المطر . لولا
حاجتي الغامضة إلى الشعر لَـمَا كنت في حاجة
إلي شيء ـ يقول الشاعر الذي خَفَّتْ حماسته
فقلَّت أخطاؤه . ويمشي لأن الأطباء نصحوه
بالمشي بلا هدف ، لتمرين القلب على لامبالاةٍ ما
ضروريةٍ للعافية . وإذا هجس ، فليس
بأكثر من خاطرة مجانيّة. الصيف لا يصلح
للإنشاد إلاّ في ما ندر . الصيف قصيدةٌ
نثريَّةٌ لا تكترث بالنسور المحلِّقة في الأعالي

ابن البلد 10-28-2010 01:40 AM

ليتني حجر



لا أَحنُّ إلى أيِّ شيءٍ
فلا أَمس يمضي * ولا الغَدُ يأتي
ولا حاضري يتقدِّمُ أَو يتراجَعُ
لا شيء يحدث لي !
ليتني حَجَرٌ ـ قُلْتُ ـ يا ليتني
حَجَرٌ ما ليصقُلَني الماءُ
أَخضرُّ ، أَصفَرُّ ... أُوضَعُ في حُجْرَة
مثلَ مَنْحُوتةٍ ، أَو تماريـنَ في النحت...
أو مادَّةً لانبثاق الضروريِّ
من عبث اللا ضروريّ ...
يا ليتني حجرٌ
كي أَحنَّ إلي أيِّ شيء !

ابن البلد 10-28-2010 09:16 AM

أبعد من التماهي



أَجلس ُأمام التلفزيون * إذ ليس في وسعي
أن أفعل شيئاً آخر . هناك * أمام التلفزيون *
أَعثُرُ على عواطفي * وأَرى ما يحدث بي ولي .
ألدخان يتصاعد مني . وأَمدُّ يدي المقطوعةَ
لأمسك بأعضائي المبعثرة من جسومٍ عديدة ،
فلا أَجدها ولا أهرب منها من فرط جاذبيّة
الألم . أَنا المحاصَرُ من البرِّ والجوِّ والبحر
واللغة. أقلعتْ آخرُ طائرةٍ من مطار بيروت
ووضعتني أمام التلفزيون، لأشاهد بقيَّة موتي
مع ملايين المشاهدين، لا شيء يثبت أني
موجود حين أفكِّر مع ديكارت، بل حين ينهض
مني القربان ، الآن ، في لبنان . أَدخُلُ في
التلفزيون ، أنا والوحش . أَعلم أنَّ الوحش
أقوى مني في صراع الطائرة مع الطائر . ولكني
أَدمنت ، ربما أكثر مما ينبغي ، بُطُولَةَ المجاز :
التهمني الوحشُ ولم يهضمني . وخرجتُ سالماً
أكثر من مرة . كانت روحي التي طارت شَعَاعاً
مني ومن بطن الوحش تسكن جسداً آخر
أَخفَّ وأَقوي ، لكني لا أعرف أين أنا
الآن : أمام التلفزيون ، أم في التلفزيون .
أما القلب فإني أراه يتدحرج ، ككوز صنوبر ،
من جبل لبناني إلي رَفَح !

ابن البلد 10-28-2010 09:35 AM

مَكْرُ المجاز



مجازاً أقول : انتصرتُ
مجازاً أقول خسرتُ...
ويمتدُّ وادٍ سحيقٌ أمامي
وأَمتدُّ في ما تبقَّى من السنديانْ
وثَمَّة زيتونتان
تَلُمَّانني من جهاتٍ ثلاثٍ
ويحملني طائرانْ
إلى الجهة الخاليةْ
من الأَوْج والهاويةْ
لئلاَّ أقول : انتصرتُ
لئلاَّ أقول : خسرتُ الرهانْ!

ابن البلد 10-28-2010 09:37 AM

البعوضة




أَلبعوضةُ ، ولا أَعرف اسم مُذَكَّرها ، أشَدُّ
فَتْكاً من النميمة. لا تكتفي بمصّ الدم ، بل
تزجّ بك في معركة عَبَثيّة. ولا تزور إلاّ في
الظلام كَحُمَّى المتنبي . تَطِنُّ وَتَزُنُّ كطائرةٍ
حربية لا تسمعها إلاّ بعد إصابة الهدف.
دَمُكَ هو الهدف. تُشْعل الضوء لتراها
فتختفي في رُكْنٍ ما من الغرفة والوساوس، ثم
تقف على الحائط ... آمنةً مسالمةً كالمستسلمة.
تحاول أن تقتلها بفردة حذائك ، فتراوغك
وتفلت وتعاود الظهور الشامت. تشتمها
بصوت عال فلا تكترث. تفاوضها على هدنة
بصوت وُدِّي : نامي لأنام ! تظنُّ أَنك
أَقْنَعْتَها فتطفئ النور وتنام . لكنها وقد
امتصت المزيد من دمك تعاود الطنين إنذاراً
بغارة جديدة . وتدفعك إلي معركة جانبيّة
مع الأَرَق . تشعل الضوء ثانية وتقاومهما،
هي والأرق بالقراءة. لكن البعوضة تحطُّ
على الصفحة التي تقرؤها ، فتفرح قائلاً في
سرّك : لقد وَقَعَتْ في الفخّ . وتطوي
الكتاب عليها بقُوَّة : قَتَلْتُها... قتلتُها ! وحين
تفتح الكتاب لتزهو بانتصارك ، لا تجد
البعوضة ولا الكلمات. كتابك أَبيض !. البعوضة ،
ولا أعرف اسم مُذَكَّرها ، ليست استعارة ولا
كنايةً ولا تورية. إنها حشرة تحبُّ دمك
وتَشُمُّه عن بُعْد عشرين ميلاً . ولا سبيل
لك لمساومتها على هدنة غير وسيلة واحدة :
أن تغيِّر فصيلةَ دمك !


الساعة الآن 05:12 PM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir

[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009